( هل سيصبح التنشيط الجيني للرياضيين بديلا عن التدريبات الرياضية )
وكل عام وانتم بخير وصحة وسلامة دائمة
د . جبار رحيمة الكعبي – رئيس قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة في الجامعة الاسلامية في النجف
انطلاقا من أهمية أن يتعرف الاساتذة وطلبة الدراسات العليا والاولية والمدربين واللاعبين والعاملين بالعملية التدريبية على ما يجري في الوقت الحاضر من تجارب علمية في مختبرات الدول المتقدمة تنذر بالمفاجآت وبإنجازات رياضية فوق مستوى التوقعات في المستقبل القريب وفي كافة الألعاب الرياضية ، هذا ما أكدته التجارب العلمية التي قام بها العلماء في علم الهندسة الوراثية ( هندسة الجينات ) والعلماء المتخصصين في الكينسيولوجي (علم دراسة العضلات) والتي أجروها على الفئران والجرذان والقردة ثم بدأت تطبيقاتها بالمعالجة الجينية على الإنسان ، وقد أثبتت التجارب على الفئران والجرذان والقردة التي تم تنشيطها جينيا إنها حققت قدرات بدنية فائقة في تضخم العضلات وفي أنتاج القوة والسرعة والقدرة على التحمل تفوق ما يحققه التدريب الرياضي بأضعاف .
التنشيط الجيني هو الاستخدام الغير علاجي للجينات أو استخدام تقنية أو هندسة الجينات لتحوير الخلايا التي لها القدرة على تحسين مستوى الانجاز الرياضي ويقول العالم بيتر المتخصص بعلم الحركة في جامعة رايس في هيوستن أن هذه التقنية ربما ستحل محل التدريبات الرياضية لأنها تحول الشخص الغير رياضي إلى رياضي فأن أي شخص ممكن أن يطور قدراته البدنية بطرق الهندسة الوراثية بنسبة 100% أو 200 % أو أكثر وذلك بالاعتماد على نفس الآلية التي استخدمت على العضلات السريعة للفئران والجرذان وبذلك يمكن ان يتحول الشخص العادي إلى عداء سوبر بواسطة توظيف الحامض النووي DNA الحيواني بحقن المادة الجينية الحيوانية إلى شخص عادي ليتحول إلى رياضي سريع وقوي جدا ، وهذا الاستنتاجات العلمية يثير فينا العديد من الأسئلة تحتاج إلى إجابات لا يعرفها ولا يقرر مدى فوائدها وخطورتها إلا العاملين عليها سراً وعلانية في المختبرات العلمية للدول المتقدمة ولكنهم في النهاية ينبئون بإنجازات رياضية غير مسبوقة وستقلب طاولة الإنجازات العالمية رأسا على عقب اذا تم تحويل هذه التقنيات في المستقبل القريب على الرياضيين ولكن من حقنا أن نسأل ونستفسر ونقلق :
• هل سنقول في السنوات القليلة القادمة لا للتدريبات نعم للجينات كونها تحقق ما نريد بأقل جهد وبأقصر وقت وبإنجاز فذ . وهل هذا يعني سيكون التنشيط الجيني بديلا عن التدريبات الرياضية .
• هل المعالجات الجينية سوف تلغي العلاقة بين التدريب الرياضي وتضخم العضلات .
• هل ستنقلب نظرية الرياضي يولد ثم يصنع .
• هل سيظهر في المستقبل القريب مصطلح الرياضيون المحولون جينياً .
• هل سيشهد العالم في السنوات القليلة القادمة دورات أولمبية يشارك فيها رياضيين محوريين جينيا لا يمكن كشف هذه التحويرات كونها أصبحت جزءا من تركيبة العضلات .
• ما هو رأي الوكالة الدولية للكشف عن المنشطات WADA بالتنشيط الجيني .
• هل ستغير ثورة الجينات طبيعة المفاهيم الرياضية العالمية وقيمها النبيلة أم ستبقى المعالجات الجينية حصراً على المرضى .
• هل أن تغيير جينات البشر يتوافق مع القيم الأخلاقية والاجتماعية الحالية والمستقبلية . وما هو رأي علماء الدين في تغيير خلق الله ، وهل تحسين القدرات البدنية للإنسان مخالف للشرع .
• ماذا لو أثبتت التجارب العلمية على البشر أن التنشيط الجيني أمن ولا ينتج عنة أعراض سلبية تؤثر على صحة الفرد والمجتمع. وإذا كان هذا الاستنتاج صحيح هل سينتقل تنظيم الدورات الرياضية والبطولات إلى مستوى جديد من التنظيم يعتمد أساسا على تصنيف اللاعبين جينيا كما هي تصنيفات ذوي الاحتياجات الخاصة حسب إعاقاتهم وكما هو الحال في تصنيف اللاعبين حسب أوزانهم في المصارعة والملاكمة وبناء الأجسام وغيرها من التصنيفات الرياضية .
• هل سينتقل الصراع بين العلماء والأطباء والصيادلة والوكالة الدولية لمكافحة المنشطات إلى مستوى جديد من الصراع العلمي يتطلب إمكانيات علمية جديدة ترهق الوكالة بسبب صعوبة التعرف والكشف عن الجينات الجديدة بعد اندماجها في الأنسجة العضلية وتصبح جزءا من تركيبتها النسيجية .
• ما هي ردود فعل الدول التي لا تملك مثل هكذا تقنيات جينية متطورة .
• هل سيشهد العالم في المستقبل القريب سوقاً جديدة للنشيط الجيني بدلا من المواد المنشطة المحظورة ويمكن أن تكون هذه التقنية في متناول الرياضيين وغير الرياضيين الراغبين بذلك . كل هذة الاسئلة وغيرها تحير الوسط الرياضي المحلي والدولي والعالمي واجاباتها مرهونة بما يقرره العلماء في هذا الموضوع على ضوء نتائج دراساتهم وابحاثهم العلمية الجينية .
• ماذا ستفعل هندسة الجينات بالإنجازات
بعد أن فك العلماء شفرة الجينات الوراثية للإنسان وعرفوا وحددوا الجينات المسئولة عن تحسن القدرات البدنية للرياضيين والتي تتعلق بتطوير السرعة والقوة وقدرة التحمل وزيادة التضخم العضلي وتحسين قدرة الدورة الدموية فأن استخدام هذه التقنيات الجينية الجديدة ستساهم بشكل كبير في تغيير تركيبة العضلات وأحدى هذه التقنيات هو تغيير أنواع الألياف البيضاء السريعة من نوع إلى آخر أسرع منة وجعلها أكثر قوة وسرعة وأعلى من قدرة وتركيبة الألياف العضلية للعداء الفذ يوسان بولت ، وبهذه التقنية ستصبح الإنجازات ليس مرهونة بقدرة الرياضيين الطبيعية وما يملكون من امتيازا وراثيا في جيناتهم تجلهم متفوقين على أقرانهم في لعبتهم بل ستصبح الإنجازات مرهونة بالجينات المصنعة التي تم حقنها في داخل أنسجة الخلايا العضلية المستهدفة والمراد تغيرها أو تنشيطها ، وانطلاقا من هذا المبدأ يخشى بعض العلماء من استخدام هذه التقنية على الرياضيين باستبدال جيناتهم بجينات مصنعة أفضل منها يصعب كشفها كونها لا تسير في مجرى الدم ولا تظهر في الإدرار كما في الكشف عن المنشطات ، وهو ما يمهد الطريق إلى دخول عصر جديد من الإنجازات الرياضية الخارقة لرياضيين محورين جينيا. فما هي فرصة الرياضيين الاعتياديين في التنافس والفوز مقارنا بالرياضيين المحورين جينيا وهل ستصبح المنافسة عادلة .
وقد قام العلماء بتجربة هذه التقنية وأثبتت نجاحها في تحقيق الهدف ومن هذه التجارب : –
– إدخال جين عامل النمو IGF-1 إلى الخلية العضلية لزيادة التضخم العضلي والقوة والسرعة وحصلوا على نتائج ايجابية
– التنشيط الجيني سيحول الألياف العضلية السريعة لدى الرياضيين إلى الألياف فائقة السرعة
– إيقاف تأثير هرمون الميوستاتين المضاد للنمو لغرض زيادة التضخم العضلي وبشكل ملفت للنظر كما في الثيران البلجيكية التي لا يعمل فيها هرمون الميوستاتين فأصبحت ضخمة بشكل كبير
– إنتاج نسخة مطابقة لهرمون الأيثروبوتين EPO لغرض زيادة عدد خلايا الدم الحمراء للاعبي التحمل
– اكتشاف ألجين الذي يزيد من قدرة التحمل Alpha PGC-1
– اكتشاف علاقة موجبة بين ألجين ACE ووظائف الجهاز التنفسي
• ما هو رأي الوكالة الدولية لكشف عن المنشطات WADA بالتنشيط الجيني
منذ نشأتها حرصت اللجنة الأولمبية الدولية والوكالة الدولية للكشف على المنشطات على نشر الفكر والمفاهيم الأولمبية والتي تستند على التنافس الشريف بين الرياضيين وحظرت استعمال العقاقير المنشطة كما حظرت التنشيط الجيني بإخضاع الرياضيين للفحوصات ألمختبريه ووضعت الاتحادات الدولية الإجراءات الخاصة للكشف عن المنشطات والتنشيط الجيني للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي تؤثر على اخلاقيات الفوز وعلى صحة الرياضيين واعتبرتها ممنوعة قانونيا .
• ما هو رأي كاتب المقال باستخدام هذه التقنية على الرياضيين
ويرى كاتب المقال د. جبا رحيمة الكعبي مع أن هذه التقنية تخدم البشرية وتحسن من الحالة الصحية للمرضى وتخلصهم من كثير من الأمراض والآلام والتشوهات التي تسببها الجينات الغير سليمة ومع إنها تحسن من قدرات الرياضيين بشكل كبير فأنة يرى :-
• أن هذه التغييرات الجينية التي يكتسبها الرياضي من استخدام هذه التقنية هي مكتسبات دخيلة على طبيعة التركيبة العضلية البشرية وليس متأصلة منذ الولادة وبالتالي هي تركيبة عضلية مصُنعة وأن ما تنتجه من سرعة وقوة فائقة وقدرة تحمل عاليه هو مُصنع أيضا وليس حقيقي وبالتالي فأن الإنجازات الخارقة التي يحققها الرياضيين هي ليس بفعل قوة إرادتهم وتصميمهم على الفوز وليس بفعل ما بذلوه من جهد تدريبي ووقت ومال بل هي وليدة هذه الجينات الصناعية ، وعلية فأن الرياضي لم يَصنع الانتصار بنفسه بل صنعته المختبرات العلمية كما هو الحال بالنسبة للمواد المنشطة المحظورة والتي تعمل على تحفيز العضلات صناعياً وتعطيها القدرة على بذل جهود خارج نطاق حدودها الطبيعية .
• من مبادئ ومفاهيم الفكر الرياضي الإنساني الأولمبي أن يكون التنافس عادلا وشريفا بين المتنافسين ووفقا لقوانين ولوائح الاتحادات الرياضية الدولية ، وبما أن المحورين جينياً يتميزون عن منافسيهم بأنهم يمتلكون قدرات بدنية إضافية مكتسبة خارج قدراتهم البشرية ، لذا فأنة من غير العدل أن يتنافس الرياضيين المحوريين جينياً مع الرياضيين الطبيعيين وبالتالي فإن التنافس العادل والشريف فقد أهم أركانه وهو أن تكون فرص الفوز متكافئة أو متساوية للجميع وبالحالة الجديدة فأن فرص الفوز محسومة مسبقاً للمحوريين جينياً وهذا ما لا تقره المفاهيم والأعراف والمواثيق الرياضية الدولية . لذا أرى من الضروري أن تقتصر المعالجات الجينية على المرضى فقط ممن يحتاجونها فعلا ، وفرض عقوبات دولية على الدول التي تغير جينات رياضيها في مختبراتها العلمية ، وفرض عقوبات على المختبرات و الأطباء والكوادر الطبية التي تساهم وتساعد على حصول الرياضيين على تلك التقنيات .
• بما إن تقنية تغيير الجينات لا تملكها إلا الدول المتقدمة في علم الهندسة الوراثية وإذا فرضنا جدلا اذا سمح باستخدام هذه التقنية كونها ليس لها تأثيرات سلبية على صحة الفرد والمجتمع لذا فأن رياضيي الدول المتقدمة هم فقط من يستفاد من هذه التقنية وستحجب عن رياضيي الدول الأخرى وستكون الإنجازات الدولية والعالمية حصراً لتلك الدول وهذا ليس عدلا مما يجعل الدول الأخرى تجري للحصول على تلك التقنية وهذا هو المبدأ الذي جَعل الدول تتسابق للتسلح النووي . فما هو ذنب الدول التي ليس لديها الإمكانيات لامتلاك مثل تلك التقنيات ولديها رياضيون متميزون ويمتلكون الموهبة الطبيعية وقادرين على تحقيق أفضل الإنجازات لدولهم فهل نحرمهم من حقهم الطبيعي في الفوز لصالح من تم تحويره جينيا ، هذا ما ستفرزه الأحداث الرياضية العالمية في السنوات القادمة مع تمنياتنا أن تكون الإنجازات الرياضية خالية من المنشطات والجينات . مع تحيات د. جبار رحيمة الكعبي – رئيس قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة في الجامعة الاسلامية في النجف