التنمية المستدامة بين المفهوم والتعريف
هي التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية إلى جانب الأبعاد الاقتصادية وذلك لتحسين استغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجيات الأفراد مع الاحتفاظ بحق الأجيال القادمة، ويواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي.
فالتنمية المستدامة تتطلب تحسين ظروف المعيشة لجميع الأفراد دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكب الأرض على التحمل، وتُجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي النمو الاقتصادي وحفظ الموارد الطبيعية والبيئية والتنمية الاجتماعية.
من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، من خلال التشجيع على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية.
أهداف التنمية المستدامة
فيما يلي، استعراض أمثلة لبعض أهداف التنمية المستدامة من خلال بعض البنود التي من شأنها التأثير مباشرة في الظروف المعيشية للناس:
1ـ استدامة المياه:
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان إمداد كافٍ من المياه ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية، وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تأمين الحصول على المياه في المنطقة الكافية للاستعمال المنزلي والمشاريع الزراعية الصغيرة للأغلبية الفقيرة، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للمستجمعات المائية والمياه الجوفية وموارد المياه العذبة وأنظمتها الإيكولوجي.
2ـ استدامة الغذاء:
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيه إلى رفع الإنتاجية الزراعية والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي والتصديري، وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تحسين الإنتاجية وأرباح الزراعة الصغيرة وضمان الأمن الغذائي المنزلي، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام والحفاظ على الأراضي والغابات والمياه والحياة البرية والأسماك وموارد المياه.
3ـ استدامة الصحة:
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة والأمان في أماكن العمل.
تهدف الاستدامة الاجتماعية فرض معايير للهواء والمياه والضوضاء لحماية صحة البشر وضمان الرعاية الصحية الأولية للأغلبية الفقيرة.
تهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للموارد البيولوجية والأنظمة الإيكولوجية والأنظمة الداعمة للحياة.
تهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام أو المثالي للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية.
4ـ استدامة المأوى والخدمات
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان الإمداد الكافي والاستعمال الكفئ لموارد البناء ونظم المواصلات.
تهدف الاستدامة الاجتماعية ضمان الحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب بالإضافة إلى الصرف الصحي والمواصلات للأغلبية الفقيرة.
تهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام أو المثالي للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية.
5ـ استدامة الأعمال :
يشكل المعيار المقبول علي نطاق واسع لاستدامه الشركات استخداما فعالا لراس المال الطبيعي، وتحسب هذه الكفاءة الإيكولوجية عاده علي انها القيمة الاقتصادية التي تضيفها شركه ما فيما يتعلق بأثرها الإيكولوجي للمجتمع، وهذه الفكرة تبناها المجلس العالمي للأعمال التجارية من أجل التنمية المستدامة تحت التعريف التالي: «تتحقق الكفاءة الأيكولوجية من خلال تقديم سلع وخدمات بأسعار تنافسيه تلبي الاحتياجات البشرية وتجلب نوعيه الحياة، مع التقليل تدريجيا من الآثار الإيكولوجية وكثافة الموارد طوال دوره الحياة إلى مستوي يتماشى على الأقل مع قدره الأرض علي التحمل»
والمعيار الثاني لاستدامة الشركات مماثل لمفهوم الكفاءة الإيكولوجية وان كان اقل استكشافا حتى الآن، الكفاءة الاجتماعية تصف العلاقة بين القيمة المضافة للشركة وتأثيرها الاجتماعي، وحيث انه يمكن الافتراض بان معظم تأثيرات الشركات علي البيئة سلبيه (وبصرف النظر عن الاستثناءات النادرة مثل غرس الأشجار) فان هذا ليس صحيحا بالنسبة للآثار الاجتماعية، ويمكن ان تكون هذه الحالات ايجابيه (مثل إعطاء الشركات، أو خلق فرص العمل)، أو السلبية (مثل حوادث العمل، ومضايقه الموظفين، وانتهاكات حقوق الإنسان)، وتبعا لنوع الأثر المترتب علي الكفاءة الاجتماعية، فانه يحاول التقليل إلى ادني حد من الآثار الاجتماعية السلبية (أي الحوادث لكل قيمه مضافه) أو تعظيم التأثيرات الاجتماعية الإيجابية (أي التبرعات لكل قيمه مضافه) فيما يتعلق بالقيمة المضافة.
وتتعلق الكفاءة الإيكولوجية والكفاءة الاجتماعية في المقام الأول بزيادة الاستدامة الاقتصادية، وفي هذه العملية يقومون باستغلال راس المال الطبيعي والاجتماعي بهدف الاستفادة من الحالات المربحة للجانبين
تهدف الاستدامة الاقتصادية إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية والنمو وفرص العمل في القطاع الرسمي.
وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى دعم المشاريع الصغيرة وخلق الوظائف للأغلبية الفقيرة في القطاع غير الرسمي، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستعمال المستدام للموارد الطبيعية الضرورية للنمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص وتهدف أيضا إلى الزيادة في الدخل الفردي لتحقيق الرفاه الاجتماعي.
6ـ استدامة الهندسة المعمارية:
في الهندسة المستدامة تعمل الحركات الحديثة على تعزيز نهج مستدام تجاه البناء والذي يطور النمو الذكي والتقاليد المعمارية والتصميم الكلاسيكي هذا على النقيض من العمارة الحديثة والأسلوب الدولي، فضلا عن معارضة العقارات السكنية الفردية وامتداد الضواحي مع مسافات انتقال طويلة وآثار بيئية كبيرة، حيث ان كلا الاتجاهين بدأ في الثمانينات. وترتبط البنية المستدامة في الغالب بمجال الاقتصاد بينما ترتبط هندسة المناظر الطبيعية بالمجال البيئي بشكل أكثر.
7ـ الاستدامة السياسية
لخصت الدراسات إلى ان المؤشرات الاجتماعية ومؤشرات التنمية المستدامة هي هيكلة علمية هدفها الرئيسي هو صنع السياسات العامة، حيث وضع المعهد الدولي للتنمية المستدامة اطارا للسياسة السياسية مرتبطا بمؤشر للاستدامة لإنشاء كيانات ومقاييس قابله للقياس حيث ويتألف الإطار من سته مجالات أساسية:
- التجارة الدولية والاستثمار
- السياسة الاقتصادية
- تغير المناخ والطاقة
- القياس والتقييم
- أداره الموارد الطبيعية
- تكنولوجيا الاتصالات
برنامج الأمم المتحدة حدد المدن في إطار الاتفاق العالمي للتنمية السياسية المستدامة بطريقة توسع التعريف المعتاد إلى ما هو أبعد من الدول والحكم.
حيث عرف الطابع السياسي بأنه مجال الممارسات والمعاني المرتبطة بالقضايا الأساسية للسلطة الاجتماعية من حيث صلتها بتنظيم الحياة الاجتماعية المشتركة وتأويلها وإضفاء الشرعية عليها وتنظيمها.
ويتوافق هذا التعريف مع الرأي القائل بأن التغيير السياسي مهم للاستجابة للتحديات الاقتصادية والايكولوجية والثقافية. وهذا يعني أيضاً أن سياسات التغيير الاقتصادي يمكن معالجتها. وقد أدرجت سبعة مجالات فرعية من مجال السياسة
- التنظيم والحوكمة
- القانون والعدالة
- التواصل والنقد
- التمثيل والتفاوض
- الأمن والوفاق
- الحوار والمصالحة
- الأخلاقيات والمساءلة
وهذا يتفق مع تركيز لجنه بروندتلاند على التنمية التي تسترشد بمبادئ حقوق الإنسان.
8ـ الاستدامة الثقافية :
أشار بعض الباحثين والمؤسسات إلى أنه ينبغي إضافة بُعد رابع إلى أبعاد التنمية المستدامة، حيث إن الأبعاد الثلاثة الأساسية (الاقتصاد والبيئة والاجتماع) لا تبدو كافية لتعكس تعقيد المجتمع المعاصر في هذا السياق، لذلك تصدر جدول أعمال القرن 21 للثقافة والمكتب التنفيذي للمدن المتحدة والحكومات المحلية (UCLG) إعداد بيان الصادر في 17 نوفمبر 2010، في إطار العالم قمة القادة المحليين والإقليميين – المؤتمر العالمي الثالث لـ UCLG ، الذي عقد في مدينة مكسيكوالسياسة حيث اصبحت الثقافة هي الركن الرابع للتنمية المستدامة،
حيث تفتتح هذه الوثيقة منظورًا جديدًا وتشير إلى العلاقة بين الثقافة والتنمية المستدامة من خلال نهج مزدوج يتكون من تطوير السياسة الثقافية وتقويتها والدعوة الى البعد الثقافي في جميع السياسات العامة و يميز نهج دوائر الاستدامة المجالات الأربعة للاستدامة الاقتصادية والبيئية والسياسية والثقافية كما دعمت منظمات أخرى فكرة المجال الرابع للتنمية المستدامة.
و برعاية الاتحاد الأوروبي اليوم تدمج القدرات متعددة التخصصات ويفسر التنوع الثقافي كعنصر أساسي في إستراتيجية جديدة للتنمية المستدامة. حيث تمت الإشارة إلى الركن الرابع لنظرية التنمية المستدامة من قبل المدير التنفيذي لمعهد IMI في اليونسكو فيتو دي باري في بيانه عن الفن والحركة المعمارية «المستقبل الجديد»، الذي استوحى اسمه من تقرير الأمم المتحدة لعام 1987 «مستقبلنا المشترك». يعرف نهج دوائر الاستدامة الذي تستخدمه متروبوليس
العناصر الثقافية في أطر التنمية المستدامة
وفي الآونة الأخيرة، كان التصميم المتمحور حول الإنسان والتعاون الثقافي من الأطر الشعبية للتنمية المستدامة في المجتمعات المهمشة وتشمل هذه الأطر حوارا مفتوحا ينطوي علي المشاركة والمناقشة، فضلا عن التقييم الشامل لموقع التنمية وخاصه عند العمل علي التنمية المستدامة في المجتمعات المهمشة، فان التركيز الثقافي هو عامل حاسم في قرارات المشاريع، لأنه يؤثر إلى حد كبير علي جوانب من حياتهم وتقاليدهم. يستخدم المتعاونون نظرية الصياغة في التصميم المشترك، وهذا يسمح لهم بفهم عمليه تفكير بعضهم البعض وفهمهم للمشاريع المستدامة.
وباستخدام طريقه التصميم المشترك، يجري النظر في الاحتياجات الكلية للمستفيدين وتتخذ القرارات والتطبيقات النهائية فيما يتعلق بالعوامل الاجتماعية والثقافية والبيئية.
الإنسان هو محور التصميم
يعتمد الإطار الموجه للمستخدم بشكل كبير على مشاركة المستخدمين وملاحظات المستخدمين في عملية التخطيط.
المستخدمون قادرون علي تقديم منظور وأفكار جديده، حيث يمكن النظر فيها في جولة جديده من التحسينات والتغييرات، ويقال ان زيادة مشاركه المستخدمين في عمليه التصميم يمكن ان تحصل علي فهم اشمل لقضايا التصميم، وذلك بسبب المزيد من الشفافية السياقية والعاطفية بين الباحث والمشارك.
ان العنصر الرئيسي في التصميم المرتكز علي الإنسان هو التطبيق الاثنوغرافي، الذي كان أسلوب البحث المعتمد من الأنثروبولوجيا الثقافية حيث تتطلب هذه الطريقة البحثية ان يكون الباحثون منغمسين تماما في الملاحظة بحيث تُسَجَّلُ التفاصيل الضمنية أيضا.
دور تقنية المعلومات في تحقيق التنمية المستدامة
في هذا العصر الذي تحدد فيه التكنولوجيات القدرات التنافسية، تستطيع تقنية المعلومات أن تلعب دوراً مهماً في التنمية المستدامة، إذ يمكن تسخير الإمكانات اللامتناهية التي توفرها تقنية المعلومات من أجل إحلال تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية، وذلك من خلال تعزيز التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة كما يلي:
- تعزيز أنشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيات الحيوية، واعتماد الآليات القابلة للاستدامة.
- تحسين أداء المؤسسات الخاصة من خلال مدخلات معينة مستندة إلى التكنولوجيات الحديثة، فضلاً عن استحداث أنماط مؤسسية جديدة تشمل مدن وحاضنات التكنولوجيا.
- تعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الاقتصاد القائم على المعرفة، ولاسيّما أن بناء القدرات هو الوسيلة الوحيدة لتعزيز التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل جديدة وتقليص الفقر.
- وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي.. بحيث تُدَّمَجُ التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مع العمل على تحقيق أهداف عالمية كالأهداف الإنمائية للألفية.
- إعداد سياسات وطنية للابتكار واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
دور الاتصالات في تحقيق التنمية المستدامة
المعارف والمعلومات تعد عنصراً أساسياً لنجاح التنمية المستدامة، حيث تساعد على التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، وتساعد على تحسين الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي وسبل المعيشة في الريف.. غير أنه لا بد من نقل هذه المعارف والمعلومات بصورة فعالة إلى الناس لكي تحقق الفائدة منها، ويكون ذلك من خلال الاتصالات، حيث تشمل الاتصالات من أجل تنمية الكثير من الوسائط مثل الإذاعة الريفية الموجهة للتنمية المجتمعية، والطرق المتعددة الوسائط لتدريب المزارعين وايضا شبكة الإنترنت للربط بين الباحثين ورجال التعليم والمرشدين ومجموعات المنتجين ببعضها البعض وبمصادر المعلومات العالمية.